الإلكترون - الاكتشاف و سر التسمية
كيف تم اكتشاف الإلكترون؟ رحلة علمية غيّرت مفهومنا للمادة
الكلمات المفتاحية: اكتشاف الإلكترون، أشعة الكاثود، تجربة طومسون، تجربة ميليكان، شحنة الإلكترون، تسمية الإلكترون، تاريخ الفيزياء الذرية.
مقدمة: من الكهرمان إلى الإلكترون
عرف الإنسان من قديم العصور الظواهر الكهربائية و التي ارتبطت ببداياتها في الكهرمان حيث لوحظ التصاق الكهرمان بالثياب و الغبار فأطلق على هذه الظاهرة اسم مرتبط بالكهرمان "الكهرباء حالياً"
و في زمن كانت فيه الذرة تُعتبر "غير قابلة للانقسام"، ظهر اكتشاف قلب المفهوم رأسًا على عقب. جسيم صغير جدًا، غير مرئي، يحمل شحنة سالبة... إنه الإلكترون، أحد اللبنات الأساسية للمادة.
لكن، كيف اكتشف العلماء هذا الجسيم؟ ولماذا سُمّي "إلكترون"؟ في هذه التدوينة، سنأخذك في رحلة مثيرة بين التجارب التاريخية والنظريات الفيزيائية التي أدت إلى هذا الاكتشاف الثوري.
الأشعة المهبطية "أشعة الكاثود": بداية الاكتشاف
✦ ماهي الأشعة المهبطية ؟
هي أشعة تظهر عند تمرير تيار كهربائي عبر أنبوب زجاجي مفرغ من الهواء، فتنبعث من القطب السالب (المهبط أو الكاثود ) باتجاه القطب الموجب ( المصعد أو الأنود ). حيث يوجد بينهما فرق عالي في التوتر الكهربائي
✦ أبرز المحطات المبكرة:
- 1858 – يوليوس بلوكر: لاحظ لأول مرة أشعة تنبعث من المهبط.
- 1869 – يوهان هتورف: أثبت أن الأشعة تُلقي ظلالًا، ما يدل على أنها جسيمات.
- 1870s – وليام كروكس: أظهر أن الأشعة تنحرف بالمجال المغناطيسي، مما يشير إلى أنها مشحونة سالبًا.
في تلك الفترة، بدأ العلماء يشكون في أن أشعة الكاثود ليست موجات ضوئية بل جسيمات حقيقية!
تجربة طومسون: إثبات وجود الإلكترون (1897)
✦ ماذا فعل طومسون؟
- أثبت انحراف الأشعة المهبطية بالحقول الكهربائية و المغناطيسية مما يثبت أنها جسيمات مشحونة .
- بمتابعة جهة الانحراف و تطبيق قوانين الكهرباء و المغناطيسية حدد نوع الشحنة و أهم خصائص جسيماتها .
- استخدم أنبوب تفريغ عالي و طبق على الأشعة المهبطية حقل مغناطيسي مناسب لحساب
e/m
(نسبة الشحنة إلى الكتلة). - و من خلال نصف قطر المسار الدائري r لحزمة الأشعة المهبطية ضمن حقل مغناطيسي B منتظم و معرفة الحقل الكهربائي E اللازم لمنع الانحراف نحسب النسبة e/m و هذه العلاقة هي
علاقة طومسون لحساب e/m
استخدم طومسون انحراف شعاع الإلكترونات في مجالات كهربائية ومغناطيسية متعامدة لحساب نسبة شحنة الإلكترون إلى كتلته.
شرح الرموز:
الرمز | المعنى | الوحدة |
---|---|---|
\( e \) | شحنة الإلكترون | كولوم (C) |
\( m \) | كتلة الإلكترون | كيلوغرام (kg) |
\( E \) | شدة الحقل الكهربائي | فولت/متر (V/m) |
\( B \) | شدة الحقل المغناطيسي | تسلا (T) |
\( r \) | نصف قطر مسار الإلكترون الدائري | متر (m) |
✦ ما الذي اكتشفه؟
وجد أن e/m
كانت ثابتة بغض النظر عن الغاز أو المادة، مما يعني أن الإلكترون موجود في كل الذرات.
وقدّر كتلته بحوالي 1/1836 من كتلة ذرة الهيدروجين.
✨ وهكذا أثبت طومسون أن الذرة قابلة للتجزئة، بل تحتوي على مكونات أصغر.
تجربة ميليكان: قياس شحنة الإلكترون بدقة (1909)
✦ كيف تمت التجربة؟
- تم رش قطرات زيت بين لوحين معدنيين.
- باستخدام مجال كهربائي، وُزنت القطرات في الهواء (توازن الجاذبية مع المجال).
معادلة حساب شحنة القطرة:
عندما تتوازن القوة الكهربائية مع قوة الجاذبية في تجربة ميليكان، نحصل على:
$$ q = \frac{mgd}{V} $$
شرح الرموز في المعادلة:
الرمز | المعنى |
---|---|
q | الشحنة الكهربائية للقطرة (بالكولوم) |
m | كتلة القطرة (بالكيلوغرام) |
g | تسارع الجاذبية الأرضية، تقريبًا 9.81 م/ث² |
d | المسافة بين اللوحين (بالمتر) |
V | فرق الجهد الكهربائي المطبق بين اللوحين (بالفولت) |
✦ النتيجة:
جميع الشحنات كانت مضاعفات لقيمة واحدة:
e = 1.602 × 10-19Columb
وهي شحنة الإلكترون، ما أكد أن الشحنة مكممة أي أن الشحنة تتم بمضاعفات صحيحة من شحنة أولية هي شحنة الإلكترون
سأعالج في تدوينات لاحقة تجربتي طومسون و ميليكان لفهم التجارب فيزيائياً
التطورات اللاحقة التي عززت فهم الإلكترون
- 1900 – هنري بيكيريل: أشعة بيتا تشبه الإلكترونات.
- 1899 – رذرفورد: سمّى الجسيمات "أشعة بيتا".
- 1911 – رذرفورد: اكتشف أن الذرة لها نواة مركزية موجبة.
لماذا سُمّي "إلكترون" بهذا الاسم؟
- الكلمة مشتقة من اليونانية القديمة ēlektron وتعني "العنبر".
- الإغريق لاحظوا أن فرك الكهرمان يولد كهرباء ساكنة.
- في 1891، اقترح جورج ستوني مصطلح "Electron".
- لاحقًا ظهرت تسميات مشابهة: Proton, Neutron, Photon.
ما أهمية اكتشاف الإلكترون؟
- كشف أن الذرة ليست وحدة صلبة بل تحتوي على مكونات.
- مهّد لفهم النموذج الذري الحديث.
- أدى لثورة في الفيزياء، والإلكترونيات، والطاقة.
- ساعد على تطوير تقنيات كالحواسيب، الأشعة، الاتصالات.
خاتمة: من الظلال على الزجاج... إلى عصر الإلكترونيات
بدأت قصة الإلكترون بأشعة غامضة تُلقي بظلالها على جدران أنبوب زجاجي، وانتهت بثورة علمية غيرت العالم.
من أشعة الكاثود، إلى تجربة طومسون، ثم قطرات الزيت في يد ميليكان، تكشف هذه الرحلة كيف أن التجريب العلمي يمكن أن يعيد تعريف مفاهيم المادة والطاقة.
الإلكترون لم يكن مجرد جسيم صغير، بل بوابة لفهم الذرة... والعالم.
إرسال تعليق